طبعة 2010
البداية : إلى ابنة القبيلة سراب التي أكن لها في قلبي منذ الطفولة كل حب وتقدير وإعجاب , والتي لم تشغل فكري وبالي وتستحوذ على عقلي ونفسي في تاريخي امرأة مثلها بعد أن ملكت قلبي واحتلته وملأته دوماً بالدفء والحنان , وجعلتني أحيا منذ زمن بعيد على أمل كاذب ووهم في عقلي وحلم ليس له وجود , إلا بخيالي الذي ذبحته على يديك بلا شفقة من الوريد إلى الوريد , ماذا أفعل وأنت بلغة العيون عاجزة وبالمشاعر والأحاسيس لا تفقهين وجاهلة .
على كل حال أصبحت أدين لك ولأملي الذي خانني بالجميل والإحسان , وأنا في حيرة من أمري أتجرع لفراقك وجفائك كل ليلة المزيد من الأسى والحرمان .
نعم إنه الأمل الشقيق الذي لم أشعر بأهميته وأهملته منذ زمن بعيد , فكان له في قلبي أجل المكانة والتقدير , وأدركت أن له في حياتي شأن كبير , وأصبحت وأنا في أحضانه رجلاً من حديد , وعلى يديه أحسست برغبة بالنشاط والتغيير والتجديد .
حتى بدأت أشعر بشعاع هذا الأمل وطيفه وضوئه ونوره الذي يشتت الظلمات , ويسري في جسدي ويعمر قلبي فأنساني أيام البؤس والمرار , وجزءاً من حياتي التي إعتادت على الذل والإهانات , التي تعرضت لها من أقرب المقربين وأصدق وأعز المخلصين , وبالطبع لم يقصد لي التجريح والتنكيل , بل حرصاً منه على أن لا أسلك سوى المسلك الشريف , وخوفاً من أن أنحرف مع التيار الجديد , خوفاً من العولمة الحديثة ومنظومة القيم المتجددة الجديدة لكل حدث سابق ولاحق , قديم وحديث , وحبه الزائد لنفسي أفقدني الجرأة والقوة والثقة التي كنت أمتلكها وأنا في اللفة طفل رضيع , وأصابها كلما تقدمت بالسن الخوف والذعر من المجهول , والطريق الشائك الحافل بالأشواك والقبور .
والكلام البديء الجارح لكرامتي وعزتي التي بهما أحيا وأقاوم بهما الضغوطات والمستحيل , وكل جنس رديء وكل محتال أثيم , فقديماً قالوا ” الكلم أنكى من السهام ” فلم يحمدوا الله على نعمة الولد الصالح الأديب , فالكل كان يفتقر للحكمة والتروي والتدبير , معقدون أشد تعقيد وبوثنية الجاهلية يتغنون ويجاهرون , وأخذت أبحث في داخلي وفي الطرقات عن الغيرة والإحساس التي كنت بهما سيداً ومغوار , بعد أن تبلدت عواطفي المفعمة بالحنان , وحلت مكان الأغاني المبهجة في قلبي الآهات تلو الآهات , وعاد بصيص الأمل من جديد لإنقاذ أشلاء وبقايا قلبي اليائس من براثن اللصوص والأوغاد , وأخذت أخلع ملابس المتسولين الرثة الممزقة بملابس المحاربين المنتصرين , ونفضت عن كاهلي ظلم وقهر وحرمان السنين .
ونعود للماضي القريب وكيف تحول مرحي وفرحي ودعاباتي التي كانت دواءً للعاشقين والأحباء , إلى عويل وبكاء تتفطر له أقسى القلوب والأكباد , ولازلت أذكر تلك البسمة التي كانت ترتسم على محياي وتداعب وجداني باستمرار , وكيف تحولت بسمتي الرقيقة التي تحملها الرياح لتفشي المحبة والسلام بين الورود والأزهار , إلى ضحكة مجنونة لعجوز شمطاء , وأصبحت أنظر إلى الدنيا بعين التشاؤم والإحتقار , وأكره ضوء الشمس والصباح .
وتحول نجاحي الباهر وتميزي في جميع المضامين إلى فشل وضيع وكنت له عبداً رهين , فما زادني ذلك إلا كرهاً للآخرين وأقسمت على الرحيل واعتزال الناس أجمعين , حتى أبكيت الطفل الصغير ومكثت في الجحيم والظلام الذي صنعته بيدي سنين , فقد عاقبت نفسي عقاب الملحدين , وعاقبني الله على أفعال وجرائم وخطايا لم أرتكبها لنفسي بالذات بل لأناس فاجرين شياطين , دون قصد وتفكير إرضاءً لهم واثباتاً بأني شجاع وفيّ صنديد , وربما تكون صغيرة في أعيننا ولكنها عند الله كبيرة وممقوتة إلى حد كبير , وربما تكون كبيرة مما يستدعي لها الغفران من الله دهراً طويل , فقد قال الرسول الكريم ( الدال على الخير كفاعله والدال على الشر كفاعله ) وكما نسيت حق الله بلا مبالاة وتقصير أمهلني الله زمناً كما أمهل يونس في بطن الحوت .
فقد قال الله تعالى (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )) .
وزاورا قلبي من جديد ذلك الأملان وحاوراني مغردان كالكناري والطيور مرددان كلمات الحب ترتسم على شفاههما إبتسامة الشوق والحنين في قلوب العاشقين , وكلما أتذكرهما أحاول الصمود والوقوف ولو كان بقشة هشة وأنا الغريق الغريق .
وبهذين الأملين نجوت وزاد إصراري على تخطي العقبات والنكبات , ورميت وراء ظهري الفشل في سلة المهملات ومخلفات الصناعة والتعدين في عربات المحروقات .
وعادت لي ذكرياتي وطفولتي الصادقة وصوري التي على قلبي غالية .
وبدأت أسترجع شريطي الحافل بالمرح والفرح التي كنت بهما مأنير دربي ودرب غيري وكيف كانا مليئين بالطرائف والنكت , التي كنت بها أسخر من كل مغرور أشر وأقصص الكثير من النوادر والحكم بلا زيف ولا كذب , والشقاوة والعناد التي كان لي بها صولات وجولات , والتي كنت أرفع رايتهما بالليل والنهار ولا يعارضني في ذلك الأصدقاء المهذبين والأشقياء , وكيف كنت منهمكاً دوماً باصطناع المقالب والأفخاخ التي كنت بها أحيا وأقتات والتي لم ينج منها ابليس والأهل والأصدقاء , وأخجل من ذكرها لما سببته من أذية وإيذاء , ونتيجة لذلك كان يطلق علي المشاكس الحيران , فكان يصدم كل من كان لا يعرفني عن قرب أو لم يصادقني ولم أفتح له قلبي فكنت أختلق له الأعذار , لذلك أعتذر من كل إنسان سببت له الحمى والنصب أشد الإعتذار , وثورتي على الظلم والطغيان في سبيل الوصول الى الحرية والتحرر اللذان كنت أفتقدهما وأشتاق لهما كاشتياق الضمآن للماء العذب الزلال , فكنت أتزعم الثوار ولا أمشي مع أصحاب التيار من دجالين وأنذال , فأصبحت في نظرهم مخترعاً عالمياً للمشاكل وغلبان , فهم لا يدركون أن ذلك نابع من نفسي التي تكره الضيم وتعشق الإباء .
حتى تمكن مني ذلك الأملان وسيطرا على قلبي وفكا قيدي بكل شجاعة وبأس وإحكام , من يأس حقير وأفكار هدامة مستوردة صنعها بي الغزاة الطغاة , فقد كنت دائماً صابراً لا أعصي ولا أغضب الرحمن .
وزادني ذلك الأملان تفاؤلاً وفرحاً وشموخاً حتى أصبحت بحبك متيم وهائم ومجنون .
وطموحي الجامح القوي عاد يراودني ويزاورني بالأحضان , ويحتل فكري بقوة وهو سعيد يهنئني ويشد على كتفي قائلاً لكل جواد كبوة وما وراء الفشل إلا النجاح العظيم كشر عن أنيابك وساعديك بقوة وعنفوان , فكذا القمر والغيم والسحاب والرعد والربيع والشمس والأمطار تتلاشى بتواضع وحنان , مضحية تارة بالذات لتعود بروح أقوى وهي تصحب معها الخيرات وتفيض بالأنعام والهبات , ضاحكاً قائلاً وأخيراً ها قد عدت يا حر يا أصيل باكياً حائراً لا يدري أي جميل يصنع ليرد اليك يا فاتنة جميلك وافياً دون بخس وتقصير .
وإن كانت هامتي وعزة نفسي لا يهتزان للعواصف والقيل والقال والإشاعات والتيار ولأشد الأعداء .
فإن روحي وخاصرتي قد أعيتهما طعناتك القاتلة للصميم والفؤاد بكل سخرية واستهزاء .
فكان أصدق الأصدقاء لا يرونك أهلاً لشخصي الكريم الذي يحيى بضمير حي وأصيل .
لأني صاحب عزة وأنفة وكرامة أرثها بالدم والعروق , بذرة ترعرعت منذ الصغر في نفسي على يد شخص جليل كريم , ذو هيبة وتبجيل , أحملها من جد الى جد بطهارة دون تدنيس , اللذين كان لهم ماضٍ عريق وأثر وتاريخ مجيد .
ولا يرونك أيضاً أهلاً لذكرياتي الجميلة وحبي والإحترام .
ويحذرونك أن تتناسي بكل مكر لجوهري النقي البريء وحقي المشروع الذي نهب على يديك ويدي أبيك الدكتور الشيخ العزيز الذي به أصبحت نكرة مشبوه يا قراصنة الطريق .
وتهميشك وأبيك لدوري ولحميتي وشهامتي وغيرتي للدم والنار التي في قلبي والتي تصلي الجباه والعروق .
والتي تولد في جسد كل فارس ونبيل .
ويخفي والدك أمر الخطيب الذي تقدم منذ زمن غير بعيد بالكتمان الرهيب , ويستخدم معنا أساليب الخبث والتمويه , وكأنا من مستوى وضيع أو من عائلة أخرى لا تحمل نفس الدم والإسم والعروق , ونحن له محبون ومضحون وكأنا نحن في رأسه دواب من البغال والحمير , ونحن له من أشد المخلصين الناصحين ولو طلب روحي فداءً لوهبته دمي دون أدنى تفكير , ويملي شروطه عليه بعد السؤال عنه وعن ثروته وكيف باستطاعته تأمين مستقبل إبنته لكي لا تصدم بالواقع المرير , يعاني كثيراً ويعاني يحارب نفسه المسكينة الضعيفة ويطمح للمزيد وبداخله يبحث عن الأفضل لعله يصل إلى منصب وجاه ومركز مرموق , فهل تنفع سيارات الليموزين والشقة والمهر الكبير إذا أخلفت نيتك وعهدك تجاه ابن قبيلتك الذي أحبك بكل إخلاص وضمير , وإذا رأيت الغريب الأفضل في جميع الميادين فاستأذن منا ولا تتجاهلنا كعبد حقير , وواسينا بالعبارت التقليدية التي تعتقد أنها تهون على رجل مفجوع .
ونتيجة لنخوتي ولغضبي الشديد ولغيرتي القاتلة عليك والنيران التي تحرق صدري وتكويه وتقظ مضجعي وتشويه , أصبحت لا أذوق طعم النوم ولا أغفو في اليوم إلا سويعة أو يزيد , ولا أذكر أن دخل الزاد جوفي إلا في ساعة الإرهاق الشديد , فأنهكني الهزال وأصبح جسدي نحيلاً , واشتعل الشيب في رأسي وكبرت ثلاثين سنة ونيف , ويزداد اللهيب في جسدي وأنا بالشنق محكوم علي ومصلوب , وفي جهنم أحيا ألف مرة وأموت , وعلى جمرها أتقلب وأتألم ككبش مذبوح , فقررت أن أذهب إلى من تقدم لها وأنا كلي بركان ثائر ومحموم , شاهراً المسدس على وجهه الأسود الكظيم , فإما الحمل الوديع وإما حياتك أيها الذئب اللئيم , وأنا الإنسان المتحضر لم أفكر طيلة عمري بحمله لأني سريع الغضب والنفير , وخوفاً علي من أرتكب جرماً كبير . فأجبرت على الأخذ بنصائح أصدق الأصدقاء وقال لي مالك ومال هذا الغبي المعتوه فهو لا يعلم بحبك الذي تربى يتيم , وبجرحك الذي ينزف بحرارة وطهارة والذي لن يندمل مع مرور السنين , حتى أصبحت تتعاطى دواءً للجلطات والتمييع .
فالعشائرية وعاداتنا العربية الأصيلة منك يا شيخ القبلية الدكتور العزيز براء إلى يوم الدين .
ووعودك الكاذبة يستنكرها أساتذتك وأربابك من الأعاجم وحتى الإنجليز .
فيترقبون لكم أصدق الأصدقاء بفارغ الصبر والإحتساب لابتهالاتهم ولدعواتهم الناقمة عليكم أن تصل إلى السماء فتعرض على رب الأرباب والأكوان , وعندها لن تفلحوا ولن تقيكم ولن تنجيكم جرائمكم وأفعالكم السوداء وظلمكم من دوران وتداول الأيام وطغيان وجور الزمان ومن قهر وشر أولاد الحرام .
وأقسم أني لو كنت أميراً جليلاً ذا مكانة مرموقة كحمزة ابن هاشم المحبوب وكلامه المهيوب .
تشخص له الأبصار والعيون ومن السفلة الوضيعين محسود لأنه بالحكمة له مشهود وموصوف .
ولو كنت اقطاعياً مترفاً ذا جاه ومال وأملاك .
لدعوتم الله جميعاً وأخص بالذكر أبيك الشيخ المحبوب آناء الليل والنهار , وأنتم تبكون ودموعكم تنهمر بغزارة الأمطار على الأنهر والبحور .
وبكلام كله نفاق منمق ومعسول لا يخلو من الدجل والتزوير , تترجوا وتتمنوا من المولى أن تكتبي لي ويكون لي بك حظ ونصيب , فأنتم بالمصلحة الجائرة متصدرون وقائدون ومؤسسون ومدمنون , فكيف لا وأنتم بائعون للضمير لا تتوبون أبداً وتجرحون , ولا تأبهون وتقتلون وبالجنازة تتمشون .
فأصررت على أختي الحبيبة الكريمة أن تحاورها وتسر لها بالحديث برسائل شفهية , عني وتضفي على الموضوع أهمية وقدسية , بضرورة أن أراها خارجاً بعيداً عن المساكن والعيون , لعلي أوصل لها لأول مرة في حياتي خبري الأول والجريء , حبي لها وشوقي الذي يتغلغل منذ الصغر في القلب والصميم , وافقت على العرض بلا تردد وبسخاء كريم , وعندما استنتجت بعد المشاورة الأسرية , وحللت واقع وحقيقة العرض بخلت واستكبرت بالكلية , وتمنيت حينها لو أن الجاحظ حي يرزق في زمننا , لصنفها في كتابه من أبخل البخلاء , ورفضت الخروج بحجة الخوف والإرهاب الشديد من والدها العبد الفقير , ساخراً منها في نفسي ومن كذبها ضاحكاً على الأقدار ونحن الذين نورث الشجاعة ونزرعها في قلوب الناس أجمعين , ما دمنا على الحق والصواب والإيمان المتين , نعم هذا الذي أخبرتها وأوعزت به والدتها والأنجاس , فتعلمت الكذب والمكر والخداع , كنت أود تحديد المصائر لا التعلق بالأوهام , ووضع النقط على الحروف لتسكن عاصفتي الهوجاء , كنت أود أن أهديها باقة من الفل والنرجس العبقتين , كنت أود أن أقصد لها قصائد الحب والغزل كعنترة بن شداد , وعن ماضي ونفسي ومن أنا عن قرب بلا زيف وافتراء , وعن نخوتي وشهامتي التي تسد أوطان , وأنني عدت إلى رشدي ووجدت نفسي التي غابت طويلاً في السماء , وأن عشقي لها هو بلاء ابتلاني به الله أشد ابتلاء , فإذا أعطيت نفسك الفرصة أن تعرفيني عن قرب كما يعرفني الأخلاء , ونقبت في كياني ووجداني وبصيرتي فلك حينها الإختيار , دون توجيه التهديد لي بالرعب من أبيك ونحن لا نخشى سوى الله الواحد القهار .
وصليت صلاة الإستخارة على سنة المصطفى الحبيب , فإذا بالهم يخنقني ويزداد الهم هماً فوق هم ويصبح ناراً من حميم , يضيق ويمزق صدري وحواشي كما تمزق الطريدة بالقوس والسهم اللعين , وتجاهلتني وهي باردة تتشفى بمنظري وقد تكالبت علي الكلاب وكلها صدود وجفاء , فقابلتها صدفة من غير ميعاد , وأنا أختنق إختناق , متضايق وضجان إضطرت حينها خجلاً وحياء من نفسها لعدم الإلتزام بالعهد والوفاء أن تحاورني شارطة أن لا تتجاوز المدة بضع دقائق معدودات , واضطربت كثيراً وخانتني عندها ذاكرتي والكلمات وكأنني أرى عدواً صهيونياً إحتل بلدي وبيتي ونبذني في العراء , وأخذ حبي لها بالهبوط فأدركت حينها أنني أخطأت بالعنوان المنشود .
وقلت لها وأنا أرتجف ومحموم , من شدة الضيق والهموم أنا إعصار ” ابن قبيلتك ” أشتريك وأخاف عليك وأسكنك في عيوني وفي جنات ونعيم , وأنا لست ذليل القوم ولئيم , وسهم غادر فاجر مسموم , ولن أخفي إعجابي بك وبجمالك الآخاذ وروحك التي تؤنس القلوب الأجلاف , فهل تفضلين علي الغريب فإذا تمسكت بي سأقف وأحارب من أجلك الكون والوجود , وأخطفك خطف الصقور , خطفة يعجز عنها ولا يقرها البدوان والشركسيون , أريد منك جواباً صادقاً عن قناعة تامة غير قابل للتغير والتأويل , فأنا بطبيعتي رجل قوي ولا أحتاج منك لإحسان وإشفاق أو للتأجيل , فقلبي الكبير هو الذي يشفق عليك وعلى الآخرين بالعطف والحنان الفريد , حينها تبسمت في وجهي وهي تعتقد أن ذكائها أسعفها وتبسمت لمعرفة المغزى وسبب الإستدعاء , وما كان يجول في خاطري والوجدان , لأن الجواب كان مستحضر على لسانها منذ ما يزيد على ليال وأسابيع , وبانت عليها علامات الروية والتفكير والحيرة والتردد المصطنعة في كيفية إيصال الرد والجواب بالتجويد , التي لا تمر علي وأنا الخبير بكلام الوجوه ولغة العيون والتلحين , وتنفسنا الصعداء وعلمت أنها لا تأبه بصلة القرابة وما يحمله الدم في العروق والوريد من الوفاء والحنين .
ولأني رجل شريف عفيف أعشق الأخلاق الحميدة ولا أحيد عن الطريق المستقيم , قالت لي كلاماً دارجاً على أفواه الخائنين كل شيء مكتوب وكله قسمة ونصيب , وأنت شاب ما تنعاب ولكني لا أفكر فيك , لأن كياننا في نظرها لم يقم ويرتكز على علاقة ورابطة فسيولوجية قوية علاقة الحب والإندفاع والحيوية , ويجب أن يكون هناك من يدفع الضريبة , وهناك يجب أن يكون ضحية , كعلاقات الأخوة الأشقاء العرب الأصيلة فهناك القاتل وهناك الضحية , وباعتني وهي تبتسم لمترفٍ أحمق غريب أو حبيب مغرم أبله بليد فأر صغير إعتادت يده النشل والتزييف .
وقلت لها في تلك اللحظة وأنا متأثر أي تأثير وأنا كالطير مضرجاً بدمائه يئن ويصيح , لا إكراه في الدين , وأنت من نفسي خرجت ومن عيني رحلت إلى أبد الآبدين , وأصبح شوقي إليك بعيد دفنته في بلاد الهند والصين .
وعند الجاهة حضرت إكراماً لها ولعائلتي الكريمة دون أن توجه لي الدعوة بالحضور , من أبيها الذي باعني في سوق النخاسين بلا رحمة وضمير , رأيته ترتسم على محياه علامات الحياء والخجل ودمعة عسيرة من لحظات ألم عصيبة لنكثه العهد والمواثيق , كالملاعين من بني قينقاع والنضير , قرأت في عينيه أمنية في نفسه ليتك يا ابن قبيلتي مهندس وثري , وقرأ في ذات عيني البائستين درساً مؤلماً وكلمة تتقطر من جباهي وفاهي , من لم يقبلني رمشاً في عينيه لا أقبله نعلاً في قدمي , حضرت وأنا غير راضٍ عن الوضع مصدوم وجريح , لأنها لم تهبني فرصة واحدة لأن أكون منها قريباً لعلها أحبتني بفن وفتون , كحب الفتيات لي بجنون , اللاتي اختلطت بهن في سوق العمل والإتجار الحر , وعرفنني جيداً عن كثب وقرب , وقمت بالواجب على أكمل هيئة ووجه حسن ومعروف , ورأيته وتمعنت فيه صعلوك من الصعاليك لا منظر ولا هيئة وضعيف الشخصية والدين , وقريباتي عماتي يبكين ويلطمن , بصراحة هذا الذي يسعى إليك لا نقبله لنا عبداً من العبيد .
وتشمت بي الداني والقاصي وبالعار كتب على جبيني الى أبد الآبدين .
وأنا أرى ابتساماتهم العريضة الساخرة كقلوبهم المشتعلة بالفحم وعود الكبريت .
وأصدقائي العرب الأقحاح الأعزاء يكدرهم غضبي باستياء ويلحون علي بالمهاجمة والنزال , يداً بيد للتخريب والتنكيل وبأن أرواحهم لي فداء .
وكنت قادراً على الإفساد والشوشرة والإزعاج وفض المجلس بالضغائن والأحقاد , ونجهل فوق جهل الجاهلين والأشرار .
ولكن عزة نفسي وكرامتي أبت وكانت فوق كل اعتبار .
وأخلاق قبيلتي وأخلاقي وقفت لي بالمرصاد وأبت إلا الإنصياع لك واحتراماً للكبار .
#الحقوق محفوظة للكاتب
مشالله عليك يا الشاعر انس ابو الهدى والله انك مثال للشباب الناجح و الطموح و منها للاعلى منها يا ايها الصديق و الاخ و مبارك هذا الموقع و اتمنى لك التقدم و الازدهار
معاناة حقيقية، وأخلاق فارس كريم وقد امتلآت المقالة بالعاطفة الصادقة واعقلانية وقت الشدائد، وفيها موسيقى شعرية واضحة
كل الاحترام والتقدير لمشاعرك النبيلة
خليل رضوان
معاناة حقيقية، وأخلاق فارس كريم وقد امتلأت المقالة بالعاطفة الصادقة والعقلانية وقت الشدائد، وفيها موسيقى شعرية واضحة
كل الاحترام والتقدير لمشاعرك النبيلة
خليل رضوان
السلام عليكم انا اسامه زميلك احب اشكرك على جهود التي بذلتها في انشاء الموقع وايضا على مؤلفاتك والكتب التي هي من تأليفك وكلماتك اتمنى لك التقدم والتوفيق لما هو خيراًلك
كل الاحترام والتقدير والتقدم بارك الله فيك
أنت في رقة الماء نعم … ولكن … جاهل من ظن انك رمز ضعف وخوار …. أنت كالماء إصراراً إذا نوى نحت الجبل … واقتلع أعتى الصخور